ج ١٣، ص : ٣١٩
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ »
(١٦٩ : آل عمران) قوله تعالى :« سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ » ـ هو بيان لقوله تعالى :« وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ».
. أي أن اللّه سبحانه وتعالى سيهدى الذين قتلوا فى سبيل اللّه، ويقيم بين أيديهم من أعمالهم الدليل الذي يأخذ بهم إلى الجنة التي أعدها اللّه لهم، وعرّفهم الطريق إليها..
وهذا مثل قوله تعالى :« إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ » (٩ : يونس).
فأعمل الشهداء، مستنيرة مبصرة، تعرف طريقها إلى مقام الرضا والقبول، وأصحاب هذه الأعمال، وهم الشهداء، يتبعون أعمالهم تلك، ويأخذون طريقهم على هديها، حيث تنتظرهم عند اللّه فى جنات النعيم التي أعدها سبحانه لأصحاب هذه الأعمال الطيبة كما يقول سبحانه :« يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ » (١٢ : الحديد) فالذى يسعى بين أيديهم هو هذا النور المشع مما فى أيمانهم، وهو سجل أعمالهم، التي صارت كتبا تناولوها بأيديهم اليمنى.
قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ».
هو التفات من اللّه سبحانه وتعالى إلى المؤمنين، ودعوة منه جل شأنه إلى أن يكونوا جميعا فى هذه المنزلة التي أعدها للمجاهدين فى سبيله..
فالمؤمنون الذين يقاتلون فى سبيل اللّه إنما ينصرون اللّه.. فهم جند اللّه، الذين يحاربون من حارب اللّه..
ونصر المؤمنين للّه، إنما هو بنصر دينه، وإقامة شريعته، ودفع الضلال والشرك والإثم، وكل ما يعترض سبيل اللّه، ويخالف ما أمر به..


الصفحة التالية
Icon