ج ١٣، ص : ٣٤٧
واستمع بعد هذا إلى قوله تعالى :« خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ » (١٠٣ : التوبة)..
ففى هذه الآية الكريمة، ترى المؤمنين فى مقام الإحسان، وهم يؤدون زكاة أموالهم إلى النبي، فيقبلها النبي منهم، فيكون لهم من هذه الزكاة طهرة لأنفسهم، وزكاة لأموالهم :« تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ».
. فإن زكاتهم تلك التي أخذها النبي منهم، يردّها عليهم طهرا لأنفسهم، ونماء لأموالهم..
فهذا إحسان إليهم، فى مقابل إحسان منهم و: « هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ؟ » (٦٠ : الرحمن)..
ثم بعد مقابلة هذا الإحسان بإحسان، دعا اللّه سبحانه وتعالى نبيه الكريم إلى أن يضيف إلى هذا الإحسان إحسانا، فضلا وكرما من اللّه سبحانه، وذلك بأن يصلى النبي على هؤلاء المتصدقين :« وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ » فهذه الصلاة، من النبي على المتصدقين، هى سكن لهم، واطمئنان لقلوبهم، وزاد من الإيمان يثبت أقدامهم على الخير، ويفتح أبصارهم إلى مواقع الإحسان.. أما غفران ذنوبهم ـ كلها أو بعضها ـ فهو موكول إلى اللّه، وبما يقدمون للّه سبحانه وتعالى من طاعات وقربات..
« وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ »
الآيات :(٢٠ ـ ٣٠) [سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٠ إلى ٣٠]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩)
وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)