ج ١٣، ص : ٣٥٠
إن مقام القول سهل ميسور، ومجال الكلام واسع فسيح.. وإن وضع القول على محكّ العمل، هو الذي يكشف عن معدنه، وما فيه من صدق أو كذب، وحق أو باطل، وصحيح أو زلف.
فهذه السورة التي كان يتمناها المؤمنون، قد نزلت إليهم، وهى سورة محكمة، أي محددة المعنى، محكمة المفهوم، لا مجال فيها لتأويل، أو تخريج..
إنها على مفهوم واحد لا اختلاف فيه.. ولكن هذه السورة المحكمة تحمل إلى المسلمين ابتلاء واختبارا.. إنها تدعوهم إلى الجهاد فى سبيل اللّه، وإلى القتال والقتل فى سبيل اللّه..
وهنا تختلف بالمؤمنين مواقفهم من هذه السورة المحكمة، التي تحمل دعوة إلى الجهاد فى سبيل اللّه..
فأما المؤمنون الصادقون، الذين أخلصوا دينهم للّه، فهم يستبشرون بما تلقوا من آيات اللّه، إذ يتلقون الأمر الصادر إليهم منها بالرضا والقبول..
وأما الذين فى قلوبهم مرض، فيأحذهم لهذا الأمر همّ ثقيل، إنهم يتمثلون فى تلك الحالة النبي صلى اللّه عليه وسلّم، وهو على رأس المؤمنين، يقودهم إلى الجهاد فى سبيل اللّه، فيتمثل لهم أنهم فى هذا الجيش الذاهب إلى ميدان القتال، وتتمثل لهم مصارعهم هناك، فيغشاهم لذلك ما يغشى الميت ساعة احتضاره..
إن آيات التي اللّه تنزل من السماء ليست أناشيد تردد، ولا مزامير ترتّل، ولكنها رسول هداية، ودليل خير، وقائد يقود إلى العمل فى مواقع الحق والخير، وداع يدعو إلى البدل، والتضحية والفداء..
وفى الآية الكريمة، إشارة كاشفة إلى أول عرض من أعراض النفاق، وأول سحابة تطلع فى سماء المؤمن من سحبه.


الصفحة التالية
Icon