ج ١٣، ص : ٣٥٦
أي أن الأولى بالمؤمنين، هو الطاعة المطلقة، لما تدعو إليه آيات اللّه، وهو القول المعروف، أي الحسن الذي يلقى المؤمنون به ما يتنزل عليه من تلك الآيات ـ فهذا عمل باللسان.. يكشف به ليؤمن عن ظاهره.. فإذا جاء وقت الابتلاء والاختبار، استكمل المؤمن إيمانه، بأن يجعل هذا الكلام الذي نطق به اللسان، وكشف به عن ظاهر حسن له ـ أن يجعل هذا الكلام عملا واقعا، وأن يصدّق فعله قوله.. فإن قولا لا يصدّقه الفعل، هو باب من أبواب النفاق..
فقوله تعالى :« فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ » أي إذا جاء وقت الابتلاء، وهو الجهاد، الذي أمر اللّه به المؤمنين، أصبح هذا الأمر عزيمة لا يجوز للمؤمن أن يترخّص فيها، أو ينكل عنها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ » أي فإذا جاء أوان الجهاد نكشفت على محكّه حقيقة الإيمان، وظهر الصادقون والكاذبون، فلو أن هؤلاء المؤمنين صدقوا اللّه فيما أعطوا من إقرار بالإيمان به، وجاهدوا فى سبيله ـ لو أنهم فعلوا ذلك لكان خيرا لهم..
فالفاء فى قوله تعالى :« فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ » هى للتفريع، والتعقيب على كلام محذوف، هو جواب « إذا » فى قوله تعالى :« فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ » ـ، أي فإذا عزم الأمر انكشفت أحوال المؤمنين وأقوالهم، وظهر الصادق والكاذب..
فلو صدق هؤلاء المتخلّفون، أو الذين تحدّثهم أنفسهم بالتخلف ـ لو صدقوا اللّه وجاهدوا، لكان خيرا لهم..
ويلاحظ فى نظم الآية الكريمة، أنها لم تأخذ الخط الطبيعي الذي تقوم عليه العلاقات بين الكلمات، والترابط بين أجزاء العبارات والجمل.. كما