ج ١٣، ص : ٣٥٨
غير طريق المؤمنين، ثم يمضى بهم هذا الطريق رويدا رويدا إلى الخروج عن الإيمان، إلى ما كانوا عليه من كفر..
وفى إسناد فعل الرجاء « عسى » إلى هذه الجماعة من المؤمنين، إشارة إلى هذا الأمر الذي وقع عليه الرجاء، وهو الإفساد، وتقطيع الأرحام ـ وأنهم إنما يرجونه هم لأنفسهم، بتولّيهم، وإعراضهم عن اللّه.. وهذا لا يكون إلا ممن سفه نفسه، وخان إنسانيته، حتى لقد أصبح ما يتمناه لنفسه، ويرجوه لها، هو هذا الشر الصّراح : الإفساد فى الأرض، وتقطيع الأرحام!.
وما ذا يكون من شأن من لا يؤمن باللّه، ولا يرجو للّه وقارا ؟.. أتراه يرى لإنسان حرمة، أو يؤدى لذى رحم حقّا ؟ إنه إنسان ضال، سفيه الرأى، غليظ القلب، متلبد الإحساس.. فهل يكون منه غير الإفساد، فى الأرض، وقطع كل سبب طيب يصل بينه وبين الناس، من قريب، أو بعيد..
واختصاص ذوى الأرحام بالذكر هنا ـ هو إشارة إلى أن هذا الذي تولّى وأعرض عن الإيمان باللّه، لا يرجى منه خير لإنسان، ولو كان فيه خير يرجى، لكان ذلك فى أهله، ولما قطع صلة الرحم بينه وبينهم..
والمراد بالتولّى هنا ـ واللّه أعلم ـ هو الإعراض عن الاستجابة لدعوة اللّه والرسول إلى الجهاد..
قوله تعالى :« أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ »..
هو حكم صادر على هؤلاء الذين دعوا إلى الايمان ـ قولا وعملا ـ