ج ١٣، ص : ٤٠٧
تمّ بينهم وبين قريش، ولهذا أنزل اللّه السكينة عليهم، وجزاهم جزاء طيبا، بهذا الفتح القريب، وهو فتح خيبر..
فالمؤمنون الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة، دخلوا جميعا فى هذا الحكم، وهو رضا اللّه عنهم، وإنزال السكينة على قلوبهم.. وهذا يقطع بأن أحدا منهم لم ينكث أبدا..
وفى قوله تعالى :« إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ » ـ إشارة إلى أن مبايعة المؤمنين لرسول اللّه، ليست لحساب الرسول، ولا لشأن من شئونه الخاصة، وإنما هى بيعة خالصة للّه، وللجهاد فى سبيل اللّه، وما الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، إلّا قائم بأمر اللّه، قائد للمجاهدين فى سبيله..
وقوله تعالى :« يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » ـ هو توكيد لهذه الحقيقة، وهى أن البيعة للّه، وأن الذين أعطوا أيديهم مبايعين لرسول اللّه، إنما أعطوا أيديهم للّه، ويد الرسول التي صافحت هذه الأيدى المبايعة، هى ـ من غير تشبيه ـ نيابة عن يد اللّه..
وهذا كله من قبيل التمثيل، كما فى قوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ ».
. فالأمر فى ظاهره ليس بيعا ولا شراء، ولكنه فى واقعه بيع ربيح..
قوله تعالى :« سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ».


الصفحة التالية
Icon