ج ١٣، ص : ٤٢١
يجمع المفسرون على أن ما تشير إليه الآية من كفّ أيدى المشركين عن المؤمنين، وكف أيدى المؤمنين عن المشركين ـ إنما هو عن صلح الحديبية..
ولكن قوله تعالى :« بِبَطْنِ مَكَّةَ » يردّ هذا القول.. فالمؤمنون لم يدخلوا مكة عام الحديبية، بل ولم يظفروا بالمشركين الظفر الذي يمكّن لهم منهم..
والذي نراه ـ واللّه أعلم ـ أن هذا إنما كان يوم الفتح، حيث دخل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مكة، على رأس جيش من عشرة آلاف مقاتل، وأن قريشا قد فزعت لهذا، واستسلمت من غير قتال، طالبة الأمان من رسول اللّه، بعد أن مكن اللّه له من رقابهم، فقال لهم صلوات اللّه وسلامه عليه قولته الخالدة :« ما تظنون أنى فاعل بكم » ؟ ـ إنهم الآن بين يديه، وفى متناول سيوف المسلمين، وإن النبي قد ملكهم ملكا مطلقا، يتصرف فيهم كيف يشاء..
ولم يجد القوم جوابا يجيبون به على هذا التحدّى، الذي يستئير الحمية، ولكن لم يكن للقوم بعد مارأوا من جيش المسلمين ـ لم يكن عندهم بقية من حمية تستثار، فكان جوابهم للنبى، هذا الجواب الذليل المستسلم :
« أخ كريم! وابن أخ كريم!! »..
ألا لقد ذلّت جباه المتكبرين، ورغمت أنوف المتعالين!! وقد كان رد النبىّ الكريم، سمحا كريما، كما هو شأنه فى جميع أحواله..
فقال صلوات اللّه وسلامه عليه :« أذهبوا فأنتم الطلقاء » !! لقد أطلقهم بتلك الكلمة الطيبة الكريمة من الأسر، وحفظ عليهم دماءهم التي كانت مهدرة! ولا يعترض على هذا الرأى الذي ذهبنا إليه، بأن الآية تحدّث عن أمر


الصفحة التالية
Icon