ج ١٣، ص : ٤٢٤
جواب لو لا محذوف، دل عليه المقام، وهو مقام تهديد للمشركين، وتذكير لهم، بجناياتهم الشنيعة على الدعوة الإسلامية، وعلى المسلمين..
والتقدير : لو لا هؤلاء الرجال المؤمنون والنساء المؤمنات الذين يعيشون مع هؤلاء المشركين ولم يعلنوا إيمانهم، وأنهم قد يؤخذون بما يؤخذ به المشركون لو وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين ـ لو لا هذا لسلطكم اللّه عليهم يوم الفتح، وهم تحت أيديكم، ولذهبت سيوفكم بكثير من تلك الرءوس التي كانت تكيد للإسلام وتسوق الأذى والضر إلى أهله..
وقوله تعالى :« لَمْ تَعْلَمُوهُمْ » هو صفة للمؤمنين والمؤمنات، أي أن هؤلاء الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات، كانوا يسرّون إيمانهم، ويمسكون به فى قلوبهم.. خوفا من أهلهم المشركين ـ فهم فى نظر المؤمنين مشركون، يؤخذون بما يؤخذ به المشركون، لأنهم لا يعلمون عن إيمانهم شيئا..
وقوله تعالى :« فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ »..
المعرّة : المذمة، والعائبة التي تعيب الإنسان وتنقصه..
وفى إسناد المعرة إلى هؤلاء المؤمنين والمؤمنات الذين يسرون إيمانهم، فى قوله تعالى :« فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ » ـ فى هذا إشارة إلى أن الذي يتوجه إلى المسلمين باللوم والعيب هم أولئك المؤمنون والمؤمنات أنفسهم، لأنهم هم الذين يعلمون أنهم مؤمنون، وأنهم قتلوا بيد إخوانهم المؤمنين، الذين خفى عليهم إيمانهم..
وقوله تعالى :« لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ » ـ هو تعليل لمفهوم المخالفة من جواب الشرط المحذوف، أي لو لا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم، فتصيبكم منهم معرة بغير علم ـ لو لا هذا لسلطكم اللّه على المشركين، ولكنه سبحانه لم يسلطكم عليهم، ليدفع عنكم المعرّة، بما تصيبون