ج ١٣، ص : ٤٤٦
هو أن يعملوا على إصلاح ذات البين بين الطائفتين، وأن ينزلوهما على ما يقضى به كتاب اللّه وسنة رسوله..
وقوله تعالى :« فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ ».
. يشير إلى الخطوة الثانية بعد دعوة الطائفتين إلى الصلح، وإلى النزول على حكم اللّه ورسوله الذي يقضى به المسلمون بينهما ـ والخطوة الثانية هى أنه إذا لم تقبل إحدى الطائفتين النزول على حكم اللّه ورسوله، كانت باغية معتدية، وكان على المؤمنين أن ينصروا الطائفة الأخرى، المبغىّ عليها..
وقوله تعالى :« فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ».
. هو بيان للخطوة الثالثة، بعد أن ينتصر المؤمنون للطائفة المبغىّ عليها، وبعد أن تنزل الطائفة المعتدية على حكم اللّه ورسوله.. عندئذ لا يترك الأمر هكذا، باستسلام الفئة الباغية تحت حكم السيف.. فإن ذلك من شأنه أن يترك آثارا من الضغينة والبغضاء، لا ينحسم معها شر أبدا، وإن خمد إلى حين..
ومن هنا كانت الدعوة إلى المصالحة بين الفريقين، وجمعهما على الإخاء والمودة، ونزع ما فى النفوس من سخائم، وغسل ما نجم عن هذا القتال من آثار، ومداواة ما كان منها من جراح..
وفى قوله تعالى :« فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ».
. إشارة إلى ما يكون قد وقع فى نفوس المسلمين الذين قاتلوا الفئة الباغية، من بغضة لها، وكراهية لموقفها المتعنت.. الأمر الذي قد يحمل المسلمين على أن يجوروا عليها، وينزلوها منزلة العقاب والانتقام.. إن ذلك من شأنه ـ وهو فى ذاته خارج على سنن الحق والعدل ـ أن يؤجج نار الحقد، والعداوة