ج ١٣، ص : ٤٥٢
وفى الحديث :« يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه.. لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبّعوا عوراتهم، فإن من يتبع عوراتهم يتبع اللّه عورته ومن يتبع اللّه عورته يفضحه فى بيته.. »
قوله تعالى :« يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » هو تعقيب عام على هذه الأحكام وتلك الآداب، التي كانت خطابا للذين آمنوا، ليرتلوها، ويأخذوا أنفسهم بها.. وليس هذا فحسب، بل إن عليهم أن يراعوا هذه الأحكام وتلك الآداب مع غير المؤمنين.. مع الناس جميعا، من كل أمة، ومن كل دين.. إنها أخلاق إنسانية، يجب أن تكون طبعا وجبلّة فى المؤمن، يعيش بها فى الحياة كلها، ومع الناس جميعا، فلا تكون ثوابا بلبسه مع المؤمنين، حتى إذا كان مع غير المؤمنين نزعه.. فإنه بهذا إنما ينزع كمالا خلعه اللّه عليه، ويتعرّى من جلال كساه اللّه إياه..
ولهذا جاء الخطاب هنا للناس جميعا :« يا أَيُّهَا النَّاسُ » والمستمع لهذا الخطاب، والعامل به، هم المؤمنون..
ثم أعقب هذا الخطاب، تقرير هذه الحقيقة التي ينبغى أن يعيها المؤمنون :
« إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ».
. فأنتم أيها الناس ـ مؤمنين وغير مؤمنين ـ إخوة فى الإنسانية، إذ كنتم من طينة واحدة، ومن جرثومة واحدة :
«كلكم لآدم وآدم من تراب » وأنه إذا كان للمؤمنين منزلة عند اللّه، وفضل على غير المؤمنين، فذلك رزق من رزق اللّه، وإن من الخير للمؤمنين أن ينفقوا من هذا الخير على الإنسانية كلها، وأن يكونوا الوجه الكريم الطيب، الرحيم، فيها..