ج ١٣، ص : ٤٥٩
قوله تعالى :« قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ »..
هو إنكار على هؤلاء الأعراب، الذين ادّعوا تلك الدعوى، بأنهم مؤمنون، وهم فى حقيقة أمرهم غير مؤمنين، إذ أنهم أسلموا، ولم يدخل الإيمان فى قلوبهم بعد..
فلمن يقولون هذا القول ؟
أيقولونه للّه ؟ وكيف يتفق قولهم هذا مع الإيمان باللّه ؟ إن الإيمان باللّه حقا، يقضى على المؤمن ألا يقول غير الحق.. لأن اللّه سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، وإنه لن يكذب على اللّه إلا من استخفّ بجلال اللّه وعظمة اللّه، وعلم اللّه، جهلا منه بما للّه سبحانه من كمال مطلق. « ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (٧ : المجادلة) قوله تعالى :« يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ».
المنّ : الإدلال بالإحسان على من أحسن إليه.. وهو مما يذهب بثواب الإحسان، ويفسد مغارسه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً » (٢٦٢، ٢٦٣ البقرة).