ج ١٣، ص : ٤٧٩
أي أن اللّه سبحانه مع قربه هذا القرب المستولى على كيان الإنسان كله، ظاهرا وباطنا ـ فإنه سبحانه قد وكل بهذا الإنسان جنديين من جنوده، يتلقيان منه كل ما يصدر عنه، من قول أو فعل، فيكتبانه فى كتاب يلقاه منشورا يوم القيامة..
و« إذ » ظرف متعلق بقوله تعالى :« وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » ـ بمعنى أن اللّه سبحانه وتعالى أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وفى الوقت نفسه يقوم عليه جنديان من جنود اللّه، يسجلان عليه كل ما يقول، أو يفعل.. كما يقول سبحانه :« وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ».
فكيف يكون للإنسان مهرب من الحساب والجزاء ؟
قوله تعالى :«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » ـ هو بيان شارح لوظيفة الجنديين القاعدين عن يمين الإنسان وعن شماله.. فهما واقفان للإنسان بالمرصاد.. ما يلفظ من قول إلا كان على هذا القول « رقيب » أي مراقب، يسمع ما يقال، ويسجله، وهو « عتيد » أي حاضر دائما لا يغيب أبدا.. وليس رقيب وعتيد، اسمين للملكين القائمين على الإنسان، الموكلان به، وإنما ذلك وصف لكلّ منهما، فكل منهما رقيب يقظ، حاضر أبدا..
قوله تعالى :« وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ».
سكرة الموت : ما يغشى الإنسان ساعة الاحتضار، من غيبوبة أشبه