ج ١٣، ص : ٤٨٩
وفى ذكر الاسم الكريم « الرحمن » هنا ـ إشارة إلى مبلغ التقوى والخشية التي تستولى على نفس هذا المؤمن الذي يخشى ربه، وهو يستحضر رحمته ويذكر سعة هذه الرحمة، ومع هذا فإن ذلك ـ وإن أطمعه فى رحمة اللّه ـ لا يجرّئه على محاربته بالمعصية، بل إنه فى حضور هذه الرحمة يكون أشد حبّا لربه، ومن أحب لم يكن منه عصيان لمن امتلأ قلبه بحبه..
وقوله تعالى :« وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ » ـ معطوف على قوله تعالى :« خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ ».
. أي كانت منه خشية للرحمن بالغيب، وكان منه مجىء، وعودة إلى ربه بقلب منيب، أي راجع من شروده الذي كان متجها به إلى طريق المعصية.. فالقلب هو موطن المعتقدات الصالحة أو الفاسدة، ومصدر التصرفات الطيبة أو الخبيثة، كما يشير إلى ذلك الحديث الشريف :« ألا وإن فى الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب)!..
قوله تعالى :« ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ »
..
هو التفات إلى أهل الإيمان والتقوى، هؤلاء الذين يخشون ربهم بالغيب، ويقبلون عليه بقلوب سليمة، منيبة، وهو دعوة كريمة من رب كريم إليهم أن يقبلوا هذه الضيافة الكريمة التي ينزلهم فيها، وقد جاءوا إليه سبحانه، مسلمين تائبين.
وقوله تعالى :« بِسَلامٍ » هو حال من فاعل « ادْخُلُوها » أي أدخلوا هذه الجنة التي أزلفت لكم، مصحوبين بسلام، لا يمسّكم ما يسوء أبدا..
قوله تعالى :« لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ».


الصفحة التالية
Icon