ج ١٣، ص : ٤٩٤
أفواههم من فحش القول، وزور الحديث، فى شأن الرسول، وفى آيات اللّه التي يتلوها عليهم.. ثم هو تهديد لهؤلاء المشركين، وأنهم مأخوذون بوعيد اللّه لهم، وأنهم لن يفلتوا من بأس اللّه إذا جاءهم..
وقوله تعالى :« وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ » هو دعوة للنبى أن يدع هؤلاء المشركين، وألا يصرف وقته كله فى النصح لهم والجدل معهم.. بل إن عليه أن يخلص بنفسه ساعات يلقى فيها ربه، مسبّحا بحمده، متزودا بهذا الزاد الطيب الذي يمده بأسباب القوة والقدرة على احتمال هذا العبء الثقيل الذي تنوء به الجبال..
وفى اختصاص هذين الوقتين ـ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ـ بتسبيح اللّه وحمده، لأنهما ـ واللّه أعلم ـ هما الوقتان اللذان يحويان بين طرفيهما، الوقت الحىّ من حياة الناس، والذي فيه يكون العمل فى ميادينها المختلفة.. والتسبيح بحمد للّه قبل طلوع الشمس، هو السلاح الذي يتسلح به الساعي إلى العمل والجهاد، فيكون له منه القوة التي تعينه فى عمله وجهاده.. والتسبيح بحمد اللّه قبل غروب الشمس، هو صلاة شكر وحمد للّه على ما كان منه من عون وتوفيق.. ثم هو استغفار لما وقع من إهمال أو تقصير.
قوله تعالى :« وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ »..
« مِنَ » هنا للتبعيض.. أي ومن بعض الليل لا كله..
وهو معطوف على قوله تعالى :« وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ».
. أي وسبحه كذلك بعضا من الليل، وفى أدبار السجود، أي أعقاب الصلوات.. فى الليل أو فى النهار..