ج ١٣، ص : ٥٠٢
والجاريات : هى السفن التي تجرى فوق الماء..
والمقسّمات : هى الملائكة التي تتقاسم العمل بأمر اللّه، فى تدبير شئون الناس..
وهذا الرأى يعضّده حديث ينسب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما يسند حمل هذا الحديث إلى عمر بن الخطاب، رضى اللّه عنه، وقد سأله ابن الكوّاء عن حقيقة هذه المسميات، فأجابه عمر ـ رضى اللّه ـ على نحو هذه الإجابة، وفى كلّ واحدة منها يقول عمر :
« ولو لا أنى سمعت رسول اللّه يقولها ما قلتها »..
وعلى هذا تكون هذه الآيات قد تضمنت أربعة أقسام، مرتبة بهذا الترتيب المتعاقب..
أما الكلمات : ذروا، ووقرا، ويسرا، وأمرا، فالرأى الذي نراه ـ واللّه أعلم ـ أنها أحوال متلبسة بهذه الأشياء التي أقسم اللّه سبحانه وتعالى بها، وأن اللّه سبحانه وتعالى أقسم بها فى تلك الحال المتلبسة بها.. فهذه الحال هى التي تجعل لهذه الأشياء شأنا وقدرا، ولو أنها تجردت من هذه الحال، أو لبست حالا أخرى، لما كان لها هذا الشرف العظيم، بأن أقسم اللّه بها، فإن فى قسم اللّه سبحانه وتعالى بالشيء تكريما له، ورفعا لقدره، وتنويها لمقامه بين الأشياء..
فالذاريات ذروا : هى الرياح فى حال هبوبها، وقدرتها على حمل بخار الماه والصعود به إلى طبقات الجوّ العليا، ولو أنها كانت أنساما رقيقة مريضة، لما أثارت الأمواج، ولما تحرك من صدر البحار بخار، ولو كان هناك بخار لما استطاعت حمله، والارتفاع به إلى حيث يصير سحابا..


الصفحة التالية
Icon