ج ١٣، ص : ٩٠
الصورة الثالثة : أن يكون ذلك بوساطة رسول من عالم الرّوح، يرسله اللّه سبحانه وتعالى، حاملا آياته وكلماته التي أذن بها له ـ إلى الرسول البشرى، فيتلقاها النّبى من رسول السماء.
وقد أشرنا فى أول هذه السورة، عند تفسير قوله تعالى :« حم عسق ».
. إلى أن هذه الأحرف المقطعة، هى صورة من صور الوحى، وهى الصورة الأولى التي أشار إليها اللّه سبحانه وتعالى بقوله :« وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً » فهى ـ أي هذه الأحرف ـ من هذا الوحى الرمزى، الذي هو سرّ بين اللّه سبحانه وتعالى وبين رسوله صلوات اللّه وسلامه عليه..! وهذا يعنى أن هذه الأحرف معروفة الدّلالة لرسول اللّه، وإلا لما كان لوحيها إليه حكمة.. وهذا بدوره يدعونا إلى القول بأن الحروف المقطعة التي بدئت بها بعض السّور القرآنية ـ يجرى عليها هذا المفهوم الذي فهمنا عليه هذه الأحرف المقطعة هنا فى تلك السورة.
والسؤال هنا، هو :
إذا كانت هذه الأحرف وحيا خاصا من اللّه سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم، لا يعرف دلالتها إلا الرسول، فلما ذا كانت قرآنا، يتلى، ويتعبد به ؟ وكيف يتعبد بما لا مفهوم له ؟
وقبل أن نجيب على هذا نسأل : أكان الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، يعرف دلالة هذه الحروف ؟
والجواب على هذا بالإيجاب، وذلك من وجهين :
فأولا : فى قوله تعالى فى أول السورة :« حم عسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ».
. وقد عاد اسم الإشارة


الصفحة التالية
Icon