ج ١٣، ص : ٩٣
اللّه، وإقامته مقاما آمنا مطمئنا على الإيمان به « ١ ».
وثالثا : فى اختصاص الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه بهذا العلم الذي تحمله إليه هذه الأحرف المقطعة، وغيرها من الآيات المتشابهة.. فى هذا ـ فوق أنه مزيد فضل وإحسان من اللّه سبحانه لنبيه الكريم ـ هو تثبيت للنبىّ، فى مقام الدعوة إلى اللّه، وفى الصبر على ما يكابد من آلام فى سبيل هذه الدعوة، وما يلقى من ضرّ فيما يسوق إليه المشركون والمعاندون من كيد..
ففى هذه الأحرف، يرى الرسول ـ فيما أراه اللّه منها، من أنباء الغيب ـ الطريق الذي تسير فيه دعوته، وما يلقى على هذا الطريق من مواقع الهزيمة والنصر، وما ينتهى إليه هذا الطريق من إعزاز لدين اللّه، وانتصار لجند اللّه، وإعلاء لكلمة اللّه.. وفى هذا ما يعين الرسول الكريم على احتمال الخطوب والأهوال، حيث يجد النصر قريبا منه، يلوح له برايات الأمان، وينتظر سفينته التي تزأر من حولها الأمواج، وقد أعدلها مرفأ الأمن والسلام..
هذا، ويلاحظ أن هذه الحروف المقطعة التي بدئت بها بعض سور القرآن الكريم ـ قد انتظمها جميعا أمران :
الأمر الأول : أنها جاءت على رأس هذه السور.. وهذا يعنى أنها مفاتح لها، يفتح بها هذا الخير الذي تحمله كل سورة فى آياتها وكلماتها من مواعظ، وأحكام..
ثم يعنى ـ من جهة أخرى ـ أنها ذات منزلة خاصة، إذ كانت وحيا مباشرا من اللّه سبحانه، على خلاف ما تلقى الرسول ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ من آيات ربه وكلماته، بواسطة الرسول السماوي، جبريل عليه السلام.
الأمر الثاني، الذي انتظم هذه الأحرف، أنه قد أعقبها، واتصل بها،
_________
(١) وقد عرضنا لهذا فى مبحث خاص. (انظر تفسير سورة الحج)


الصفحة التالية
Icon