ج ١٤، ص : ١٠٣٣
جزاؤهم هذا العذاب الذي هم فيه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ » (٥٧ : الروم).
قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».
هو دعوة إلى المؤمنين عامة، أن يتوبوا إلى اللّه، وأن يرجعوا إليه كلّما بعدوا قليلا أو كثيرا عنه، بما اقترفوا من آثام، وما اجترحوا من سيئات..
فإن التوبة تغسل الحوبة، وهى الأسلوب الذي يصالح به العبد ربّه، ويفتح به أبواب رحمته ورضوانه.
والتوبة النصوح، هى التوبة الصادرة عن قلب مفعم بالندم، وعن ضمير مثقل بما خالطه من إثم، ومن وراء ذلك عزيمة صادقة، ونيّة منعقدة على عدم العودة لما كان منه التوبة..
وقوله تعالى :« عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ».
عسى، وإن كانت أسلوبا يفيد الرجاء، فإن هذا الأسلوب إذا تعلق باللّه سبحانه وتعالى، كان معناه الوجوب، والوقوع.. لأن الرجاء إنما يكون فى حقّ من لا يقدر، واللّه سبحانه قادر على كل شىء.. أما استعمال أسلوب الترجّى فى جانب اللّه سبحانه وتعالى، فهو منظور فيه إلينا، وإلى أنه ينبغى أن نقيم أمرنا مع اللّه على رجاء، فلا يأس من رحمته، ولا قطع بالنجاة من عذابه، وبهذا يكون العبد المؤمن على صلة دائمة باللّه، يرجو رحمته، ويخشى عذابه..


الصفحة التالية
Icon