ج ١٤، ص : ٦٠٥
بها الملائكة ـ هؤلاء الملائكة لا يملكون الشفاعة إلا بإذن من اللّه.. فكيف يكون لهذه الدعوى ـ التي تلبس زورا صفة الملائكة ـ كيف يكون لها أن تشفع عند اللّه ؟
ومن جهة أخرى، فإن هذا الاستثناء يعنى أن كثيرا من الملائكة لا يؤذن لهم بالشفاعة، وأما الملائكة الذين تقبل شفاعتهم، فهم الذين يأذن اللّه سبحانه وتعالى لهم بذلك، ويقبل منهم قولهم فيمن شفعوا لهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً » (٣٨ : النبأ).
قوله تعالى :
« إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى » هو تشنيع على هؤلاء المشركين، الذين يطلقون على الملائكة أسماء مؤنثة، باعتبار أنهم أناث، وأنهم بنات اللّه!.
وفى قوله تعالى :« لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ » ـ إشارة إلى أن آفة المشركين إنما هى فى إنكارهم للبعث، ولما بعد البعث من الحياة الآخرة، وهذا ما دعاهم إلى إنكار رسالة الرسول فيهم، والتي من محاملها الإيمان باليوم الآخر، بعد الإيمان باللّه.. فهؤلاء المشركون مستعدون لأن يؤمنوا باللّه، ولكن على شريطة ألا يكون الإيمان باللّه مستدعيا الإيمان باليوم الآخر.. والإيمان كلّ لا يتجزأ..
فمن آمن باللّه، وكفر باليوم الآخر، وبرسل اللّه، فهو على غير الإيمان الصحيح المقبول..
قوله تعالى :
« وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ».
أي ما لهم بهذا القول الذي يقولونه فى الملائكة، من علم قائم على الحق، أو