ج ١٤، ص : ٦٢٥
قوله تعالى :« أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ »..
هذا الحديث ـ إشارة إلى قوله تعالى مخبرا عن الساعة :« أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ ».
. فالمشركون إذا سمعوا هذا الحديث عن قرب يوم الحساب والجزاء، عجبوا لهذا، واستنكروه، وجعلوه حديث سخرية واستهزاء بينهم..
وفى قوله تعالى :« أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ » إنكار على هؤلاء المكذبين بالبعث والحساب، أن يتلقوا الحديث عن هذا اليوم، والنذر التي تنذرهم به، وتحذرهم لقاءه ـ أن يتلقوا هذا غير مكترثين به، ولا ملتفتين إليه، ولو عرفوا ما يلقى الناس فى هذا اليوم من أهوال، وما أعدّ للظالمين والضالين من عذاب ـ لو عرفوا هذا، لكثر البكاء، وقل الضحك، بل لما كان إلا البكاء المتصل، والوجوم الدائم.. خوفا من لقاء هذا اليوم العظيم!..
وقوله تعالى :« وَأَنْتُمْ سامِدُونَ » أي وأنتم غافلون فى صلف وكبر..
والسامد. هو البعير الذي يرفع رأسه، كأنه يبحث عن شىء فى السماء، ولا شى ء!..
وقوله تعالى :« فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا » ـ هو تعقيب على الاستفهام الإنكارى فى قوله تعالى :« أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ.. » أي إنكم أيها المكذبون بهذا الحديث، المستهزءون الساخرون منه، توردون أنفسكم موارد الهلاك، وإنكم إذا أردتم النجاة والخلاص، « فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا » أي فاخضعوا لجلال اللّه، واعبدوه، فهذا ما ينبغى أن يكون موقف المخلوق من خالقه، ولاء، وطاعة، وحمد، وتسبيح، وعبادة..