ج ١٤، ص : ٦٦١
ومن هنا كان إتيان المأمورات مثابا عليه، بخلاف اجتناب المنهيّات، فإنه بحسب المرء باجتنابها أن يسلم من شرها، ويخرج معافى لا عليه، ولا له..
ومع هذا، فإن الشيطان خالف أمر ربه بامتناعه عن السجود لآدم..
وآدم عصى ربه كذلك بإتيان ما نهاه عنه، فأكل من الشجرة ـ ولهذا كان لكل منهما حسابه وعقابه.. وقد أظهر آدم الندم، وأقبل على ربه تائبا مستغفرا، فتقبّل اللّه سبحانه وتعالى توبته وغفر له.. وأما الشيطان فقد أحاطت به خطيئته، وأعمته عن طريق الرجوع إلى اللّه سبحانه، فمضى فى غيّه وضلاله، تصحبه لعنة اللّه إلى يوم الدين..
وقد تحدّى إبليس ـ لعنه اللّه ـ ربه، ورأى فى نفسه فى انه خير من آدم، وأنه قادر على إفساده، وجعله وليّا له، محاربا للّه الذي كرمه وأمر الملائكة بالسجود له!! وكان من حلم اللّه، على هذا اللعين، أن أفسح له فى مجال التحدي، وأن يجلب بخيله ورجله علىبنى آدم، وسيرى أنه مقهور مخذول، فإنه لن ينال من عباد اللّه مالا، وإنما هو دعوة يستجيب لها من أبناء آدم من سبقت عليه كلمة اللّه، فكان من أهل النار، كما يقول سبحانه :« إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ».
. وكما يقول سبحانه :« إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ » (٦ : فاطر)..