ج ١٤، ص : ٧٢٦
تكون صالحة لأن يتخلق منها الكائن الحي.. بمعنى أنه لو انتزعت هذه النطفة انتزاعا من صلب الرجل، ثم نقلت إلى رحم المرأة، كانت أشبه بحبة غير ناضجة ألقى بها فى الأرض، فلا يكون منها أن تنبت نباتا أو تطلع زهرا أو ثمرا..
وهذا هو السرّ فى التعبير القرآنى بلفظ « تُمْنُونَ » الذي يدل على تلك العملية الطبيعية التي يقذف بها المنىّ فى رحم المرأة، عند التقاء الرجل والمرأة.. ومثل هذا ما جاء فى قوله تعالى :« أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى » (٣٧ : القيامة) فهو ليس مجرد منىّ، ولكنه منىّ يمنى، أي يقذف به فى حال نضجه، من صلب الرجل، إلى رحم المرأة..
فهذا المنىّ، الذي لا يعدو أن يكون نطفة من ماء ـ من يخلق منه هذا الكائن الحىّ، أو من يقيم منه هذا الإنسان السميع البصير ؟
قوله تعالى :« نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ » أي وكما خلقناكم ابتداء، من هذه النطف، وشكلنا صوركم، من هذا المنىّ ـ نحن الذين قدرنا بينكم الموت، وحددنا لكل منكم الأجل الذي له فى هذه الدنيا.. فإلينا وحدنا تقدير أعماركم، وموتكم.. لم يسبقنا إلى ذلك سابق، ولم يشاركنا فى هذا شريك..
قوله تعالى :« عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ »
هو متعلق بمحذوف، يفهم من قوله تعالى :« وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ » أي أننا إذا كنا لم نسبق فى هذا الخلق الذي خلقناكم عليه، ولم نسبق فى تقدير الموت الذي قدرنا عليكم، وجعلناه حكما واقعا على كل حىّ ـ إذا كان


الصفحة التالية
Icon