ج ١٤، ص : ٧٣٤
النّفى، وذلك حين يكون المقسم هو اللّه سبحانه وتعالى، والمقسم به، ذات من ذوات المخلوقات العظيمة المكرمة عند اللّه، وحين يكون المقسم عليه أمرا جليّا، بينا لا يحتاج إلى بيان..
ومن ذلك قوله تعالى :« فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ، لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ » (١٦ ـ ١٩ الانشقاق) وقوله سبحانه :« لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ، بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ » (١ ـ ٤ : القيامة) وقوله جلّ شأنه :« فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوارِ الْكُنَّسِ، وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ » (١٥ ـ ٢٠ التكوير) فهذه الأقسام واقعة على أمور عظيمة، محققة الوقوع على الصورة المعروضة فيها، وعلى الصفة الموصوفة بها، بحيث لا يصح أن تقع موقع الإنكار، من ذى مسكة من عقل أو فهم.. فإذا كان هناك من يشك أو يرتاب، فإنه لا معتبر لشكّه أو ارتيابه، ولا جدوى من وراء القسم له بأى مقسم به، إذ كان لا يجدى معه ـ فى هذا الصبح المشرق بين يديه ـ أن تضاء له المصابيح، وتقام له الحجج والبراهين. « وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ » (٤٠ : النور).
فالأقسام هنا ـ كما ترى ـ واقعة على أحوال الإنسان، وتنقله من حال إلى حال، ومن وجود إلى وجود، أو على قدرة اللّه سبحانه وتعالى، على بعث الموتى من القبور، وعلى إعادة هذه العظام البالية، وإلباسها لباس الحياة من جديد، أو على قول اللّه سبحانه، وما تحمل كلماته من أخبار صادقة، محققة الوقوع..
وهذه كلها أمور لا تحتاج إلى قسم، وفى القسم لها ـ كما قلنا ـ تشكيك فيها، وفتح لباب الجدل والمماراة فى شأنها..
أما هذا التلويح بتلك الأقسام، فيما يبدو من نفى القسم ـ فهو وضع