ج ١٤، ص : ٧٣٧
مما تطيب به النفوس، وتستروح الأرواح.. وكما أن كثيرا من النفوس تختنق بالريح الطيب، أو تنفر منه، فكذلك كثير من النفوس ما تتأذى بكلمات اللّه، وتنفر من سماعها، فلا تسمح لها بأن تنفذ إلى مشاعرها ووجداناتها، بلى تجعل أصابعها فى آذانها، كما يجعل من يتأذى بالطيب أصبعيه على أنفه!!.
ويرى « ابن قيّم الجوزيّة » أن المراد بالكتاب المكنون، هو الصحف التي بأيدى الملائكة.. ويعلل لذلك بوجوه :
منها : أنه وصفه ـ أي اللّه ـ بأنه مكنون، والمكنون : المستور عن العيون، وهذا إنما فى الصحف التي بأيدى الملائكة..
ومنها : أنه قال :« لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ » وهم الملائكة، ولو أراد المؤمنين المتوضئين لقالى :
لا يمسه إلا المتطهرون | فالملائكة مطهّرون، والمؤمنون المتوضئون متطهرون. |
ومنها : أن هذا رد على من قال إن الشيطان جاء بهذا القرآن، فأخبر تعالى أنه فى كتاب مكنون لا تناله الشياطين، ولا وصول لها إليه، كما قال فى « آية الشعراء » :« وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ » (٢١٠ ـ ٢١٢) وإنما تناله الأرواح المطهرة، وهم الملائكة..
ومنها : أن هذا نظير قوله تعالى : َمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرامٍ بَرَرَةٍ »
(١٢ ـ ١٦ : عبس)..