ج ١٤، ص : ٧٣٩
والتكذيب هو حظّ هؤلاء المداهنين المراوغين، وهو رزقهم الذي يرزقونه من هذا الخير المبسوط لهم.. فإذا عاد الناس بمغانم كثيرة وبرزق موفور من هذا الحديث حين يستمعون إليه، فإن هؤلاء المداهنين المراوغين، يعودون برزق أيضا، ولكنه رزق مشئوم، ملطّخ بالتكذيب بآيات اللّه، وبالكفر بها، وبما تحمل من حق وخير..
وفى تسمية هذا التكذيب الذي حمله المداهنون من آيات اللّه ـ فى تسميته رزقا، إشارة إلى هذا الخسران الذي عادوا به من هذا الموقف مع آيات اللّه، وأنهم بدلا من أن يحملوا رزقا، حملوا وزرا.. لقد أرادوا أن يخدعوا فخدعوا.. « يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ » (٩ : البقرة)..
فهذا هو رزقهم الذي رزقوه من استماعهم لآيات اللّه، وهو ـ كما قلنا ـ وزر، لارزق.
قوله تعالى :« فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ ».
الحلقوم، مجرى الطعام من الفم إلى المعدة..
والضمير فى بلغت، يعود إلى الروح، وهى وإن لم يجر لها ذكر، فإنها مذكورة فى هذا المفهوم العام الذي تشير إليه الآيات، وهو البعث، الذي يدور حوله هذا الحديث، وما يقع للناس فيه من حساب وجزاء، ونعيم وعذاب..