ج ١٤، ص : ٧٤٩
وقوله تعالى :« وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » ـ إشارة أخرى إلى نفوذ علم اللّه إلى كل ما يجرى فى ملكه.. وأن هؤلاء الذين يستبعدون أن يكون اللّه سبحانه أقرب إليهم من حبل الوريد، لا ينبغى لهم أن يستبعدوا أنه يراهم، ويرى كلّ ما يعملون.. فمن كان يظن أن اللّه ليس معه، فهو يراه! قوله تعالى :«لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ » هو توكيد لما قررته الآيات السابقة، من بسطة سلطان اللّه، وشهوده لكل شىء فى هذا الوجود، فهو سبحانه له ملك السموات والأرض، وأنه لا يملك الشيء ملكا متمكنا إلا إذا كان هذا الشيء طوع أمره، وتحت سمعه وبصره..
وقوله تعالى :« وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ » أي إليه يرجع كل أمر، فلا يقع فى ملكه شىء إلا بأمره وتقديره..
قوله تعالى :« يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ » أي ومن قدرة اللّه سبحانه أنه « يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ » أي يدخل النهار فى الليل، فيختفى الليل، ويظهر النهار، « وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ » أي يدخل الليل فى النهار، فيختفى النهار، ويظهر الليل.. ففى الليل نهار مطوىّ، وفى النهار ليل مخفىّ.. « وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ » (٣٧ : يس)..
فهذا ظلام يخرج من أحشاء النور.. « وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً » (١٢ : الإسراء) وهذا نور يتفجر من