ج ١٤، ص : ٧٥٢
دعاهم.. « وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ ؟ » أي أىّ شىء يحول بينكم وبين الإيمان باللّه.. وهذا رسول اللّه إليكم، يدعوكم لتؤمنوا بربكم ؟ لما ذا لا تجيبون دعوة اللّه وتؤمنون به ؟
إن دعوتكم إلى الإيمان باللّه، وبعث رسول من عند اللّه إليكم بها، هو فضل من فضل اللّه عليكم، وإحسان من إحسانه إليكم، إذ كان من شأنكم أن تكونوا مؤمنين، من غير دعوة مجدّدة إليكم.. فلقد دعاكم اللّه سبحانه وتعالى إلى الإيمان من قبل، وأخذ ميثاقكم وأنتم فى ظهور آبائكم، فأجبتم ولبيتم.. فما لكم لا تذكرون هذا الميثاق، ولا توفّون به ؟ ثم مالكم إذ قد نقضتم الميثاق، أن تجددوه على يد الرسول الذي بعثه اللّه إليكم ليذكر كم به، ويقيمكم عليه ؟.
وقوله تعالى :« إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ».
أي إن كنتم ما زلتم على إيمانكم باللّه الذي وثّقه معكم وأنتم فى ظهور آبائكم ـ فما لكم لا تؤمنون بما يدعوكم إليه الرسول من إيمان، وهو إنما يدعوكم إلى هذا الإيمان الذي آمنتم به من قبل ؟ وعلى هذا يكون مفهوم نظم الآية هكذا :« وما لكم لا تؤمنون باللّه إن كنتم مؤمنين » وأما قوله تعالى :« وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ » فهما جملتان حاليتان تكشفان عن حال المخاطبين وهم يدعون إلى الإيمان ولا يجيبون دعوة الداعي..
وهذا يعنى أن دعوة الإسلام، هى دعوة تلتقى مع الفطرة التي فطر الناس عليها، وأن من يرفض هذه الدعوة أو ينكرها، فهو منحرف عن الفطرة، حائد عن طريقها..