ج ١٤، ص : ٧٦٩
وقوله تعالى « قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » استدعاء لهؤلاء المخاطبين، المنحرفين، أن يستدعوا عقولهم ـ إن كانت لهم عقول ـ وليتدبروا موقفهم من البعث، بالنظر إلى ما تفعله قدرة اللّه سبحانه بالأرض الميتة! قوله تعالى :« إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ».
هو دعوة مجدّدة أيضا إلى هؤلاء المؤمنين المنحرفين، أن ينفقوا فى سبيل اللّه، بعد أن يصححوا إيمانهم، وأن يدخلوا دخولا كاملا فى دين اللّه، وأن يصبحوا من المؤمنين الذين خاطبهم اللّه سبحانه فى الآيات السابقة بقوله :
« مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ».
. فليلحقوا بهؤلاء المؤمنين، الذين دعوا إلى الإنفاق فى سبيل اللّه واستجابوا لما دعوا إليه..
إنهم إن فعلوا كان لهم ما لإخوانهم الذين سبقوهم من مضاعفة الجزاء، ومن الأجر الكريم، الذي أعدّ لهم.. وهذا هو السر ـ واللّه أعلم ـ فى هذا التشابه الذي جاء عليه نظم الآيتين :
« مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ».
« إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ».
والمصّدّق : أصله المتصدق، قلبت التاء صادا، وأدغمت الصاد فى الصاد.
قوله تعالى :« وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا، أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ».


الصفحة التالية
Icon