ج ١٤، ص : ٧٩٠
أعداء اللّه، ومن هم أولياؤه، ومن يحارب دعوة اللّه، ومن ينتصر لها، ويدافع عنها.
وفى اختصاص الذين يؤمنون باللّه، وينصرون دعوته، ويؤازرون رسله ـ فى اختصاص هؤلاء بالذكر ـ إشارة إلى أنهم هم أصحاب هذه الدعوة، وأنها فى حقيقتها إنما جاءت لتقودهم إلى اللّه، وقد انقادوا فعلا.. أما أولئك الذين كذبوا بآيات اللّه، وأبوا أن يستجيبوا لدعوته، فإنهم إنما كانوا شيئا عارضا فى طريق الدعوة الموجهة إلى من هم أهل لإجابتها، وإن كانت قد وجهت إليهم الدعوة ضمنا.. إن ذلك أشبه بمن يبذر بذرا، ثم يسوق إليه الماء، فإذا ظهر الزرع على وجه الأرض، ظهرت معه بعض الحشائش الضارة، التي لا يجد الزارع بدّا من اقتلاعها حتى يسلم ما زرع..!
وعلم اللّه سبحانه علم قديم أزلىّ، وهو غيب عن الناس، فإذا وقع من هذا العلم شىء فى الحياة وعلمه الناس، كان علما للناس، وهو فى الوقت نفسه من علم اللّه، وعلم اللّه تعالى حينئذ، علم لما وقع، وهو فى علم اللّه قبل أن يقع.. فعلم اللّه سبحانه واقع على الأمور فى كل حال من أحوالها، وفى كل زمان من أزمانها.
وقوله تعالى « بالغيب » متعلق بالفعل فى قوله تعالى :« مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ » أي وليعلم اللّه من ينصره ورسله فى غير مشهد من الناس، أي عن إيمان قد استقر فى القلب، واستولى على المشاعر..
وخص النصر للّه ولرسله بالذكر فى تلك الحال ـ حال الغيب ـ لأنه هو النصر الذي يصدر عن صدق، وعن يقين، وهو النصر الذي لا ينقطع أبدا فى سر أو جهر، وفى قول أو عمل.. أما النصر الذي يكون بمشهد من الناس فقد يكون


الصفحة التالية
Icon