ج ١٤، ص : ٨٤٤
أي ومما قضى اللّه به أن الغلبة له سبحانه، ولرسله على أهل الباطل، والضلال، وأن الخزي والهوان على الذين يحادّون اللّه ورسوله.. وهذا وعد من اللّه سبحانه وتعالى بنصرة الحق، والانتصار لأهله الذين يدافعون عنه.. فإن العاقبة دائما للحق، والمدافعين عن الحق، وإن ضاقت بالحق وأهله المسالك، وتراكمت الغيوم، فذلك الضيق إلى سعة، وهذه الغيوم إلى صحو وإشراق.
قوله تعالى :«لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ».
بهذه الآية الكريمة تختم سورة « المجادلة » فتضع الميزان الذي يوزن به الناس، فى مقام الإيمان والكفر.. فحيث كان الإنسان بولائه، وبمودته، كان الوجه الذي يعرف به، ويحاسب بين الناس عليه.. فمن والى قوما، ووادّهم، عدّ منهم، وحسب فيهم..
وإذن فلا يكون مؤمنا باللّه واليوم الآخر من كان على مودة لمن حاد اللّه ورسوله.. إذ لا يتفق أن يجمع المرء فى قلبه بين ولائه للّه، وولائه لأعداء اللّه.
وإذن فلا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.. ففى سبيل الولاء للّه ولرسوله، ينقطع كل ولاء مع من حاد اللّه ورسوله، ولو كان ذلك بين الأب وابنه، أو الابن وأبيه، والأخ وأخيه، والعشير وعشيره..
وقوله تعالى :« أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ » أي أولئك الذين يخلصون ولاءهم للّه من المؤمنين باللّه ورسوله، ويقطعون فى سبيل ذلك كل ولاء لهم مع


الصفحة التالية
Icon