ج ١٤، ص : ٨٥٩
عَنْهُ فَانْتَهُوا »
.. فهذا هو حقّ الرسول على المؤمنين : الامتثال والطاعة من غير مراجعة، ولا توقف، أو ريبة..
وقوله تعالى :« وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ».
. وعيد لمن تحدثه نفسه من المؤمنين بالخروج عن أمر الرسول، أو الضّيق به، فإن ذلك معناه الكفر، والانسلاخ من الإيمان.. وليس للكافرين إلا النار، هى حسبهم، وبئس المصير..
قوله تعالى.
«لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » هو معطوف عطف بيان على قوله تعالى :« فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ » أي أن هذا الذي أفاءه اللّه على رسوله من أهل القرى، هو للّه ولرسوله، ولذى القربى للرسول، ولليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وللفقراء المهاجرين، الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا وينصرون اللّه ورسوله.. فكأنّ ما للّه ولرسوله ولذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، هم هؤلاء المهاجرون الفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، وكأن هذا الفيء الذي أفاءه اللّه على الرسول هو من أجل هؤلاء المهاجرين الفقراء، ليكون مواساة لهم فى هذه الغربة، التي اختاروها ابتغاء مرضاة اللّه، وآثروا بها دينهم على أهليهم وأموالهم..
وقوله تعالى :« يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً » جملة حالية، تكشف عن الحال التي تلبّس بها هؤلاء المهاجرون، حين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، وأنهم حين أخرجوا كانوا على حال يبتغون بها فضل اللّه ورضوانه، وينصرون اللّه ورسوله، ولم يكن إخراجهم عن حال أخرى تدعوا قومهم إلى إخراجهم