ج ١٤، ص : ٨٧٩
والفاسقون : هم الخارجون عن طريق الحق، الذي قام عليه الوجود كله، وهم الخارجون على فطرتهم التي فطر اللّه الناس عليها..
قوله تعالى :« لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ » فمن اتقى اللّه ونظر إلى ما قدم لغد، وحاسب نفسه على ما يعمل، حسابا قائما على تقوى اللّه وخشيته، فقد أعد نفسه ليكون من أصحاب الجنة، وذلك هو الفوز العظيم.. « فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ » (١٨٥ : آل عمران) وشتان بين من يعذب فى النار، ومن ينعم بنعيم الجنة..
[القرآن.. وما يتجلى على الوجود] قوله تعالى :« لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة دعت إلى تقوى اللّه، وذلك إنما يكون بذكر اللّه، واستحضار جلاله وعظمته، وحذرت من نسيان اللّه، والغفلة عن ذكره، فذلك النسيان يخلى قلب الإنسان من كل أثر لتقوى ـ اللّه ـ فجاءت هذه الآية لتقدم بين يدى تلك الدعوة إلى ذكر اللّه، وإلى تقواه خير ـ هاد يهدى إلى اللّه، وخير مذكّر يذكّر به، وهو القرآن الكريم، الذي يقول اللّه سبحانه وتعالى عنه :« وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ.. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ » (١٧ : القمر) ويقول فيه سبحانه أيضا :« وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ » (٨٢ : الإسراء) ويصفه سبحانه بأنه ذو الذكر فى قوله :« ص. وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ »..
فهذا القرآن لو أنزل على جبل، لخشع وتصدع من خشية اللّه.. ولكن


الصفحة التالية
Icon