ج ١٤، ص : ٩٣٥
قوله تعالى :« يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ».
نور اللّه، هو الحق الذي يحمله رسل اللّه، ويبشرون به فى الناس..
أي أن هؤلاء القوم الظالمين يريدون بافترائهم الكذب، وتعمدهم له ـ إطفاء نور اللّه، وهو القرآن الكريم، وما يدعو إليه..
واللام فى قوله تعالى :« ليطفئوا » هى لام العاقبة، أي يريدون الافتراء ويحملون أنفسهم عليه، ليطفئوا نور اللّه بأفواههم.. فافتراؤهم الكذب لغاية يريدونها، هى لإطفاء نور اللّه.. وعلى هذا المعنى جاء قول قيس بن الملوح (مجنون ليلى) :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثّل لى ليلى بكل سبيل
أي أريد البعد عنها، والانفراد بنفسي فى الخلوات، لكى أنسى ذكرها، ولكن وجودها يصحبنى حيثما أكون..
وفى قوله تعالى :« بأفواههم » ـ إشارة إلى الكذب والافتراء الذي تتفوه به أفواههم، فكأن هذه الكلمات الآثمة التي تخرج من أفواههم ـ هى نفثات تخرج من صدور مغيظة محنقة، ينفخون بها فى هذا المصباح الهادي، ليطفئوا نوره..
قوله تعالى :« وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ».
. هو تعقيب على موقف هؤلاء المفترين من نور اللّه، ومن دينه الذي يدعو إليه رسول اللّه..
فهذا النور سوف يبسط سلطانه على الآفاق كلها، وسيبلغ به اللّه سبحانه وتعالى تمام كماله، وإن كره الكافرون هذا، وإن احترقت أكبادهم حسرة وكمدا، لما