ج ١٤، ص : ٩٣٧
هو بيان لهذه التجارة التي دعا اللّه سبحانه وتعالى المؤمنين إليها، وأمرهم بالاتجار فيها.. وهى الإيمان باللّه وبرسول اللّه، والجهاد فى سبيل اللّه بالأموال والأنفس..
ففى هذه التجارة الربح العظيم، والخير العميم، الذي يقع لأيدى المتجرين بها، لو كانوا يعلمون ما يكون لهم من ورائها، من خير..
ودعوة المؤمنين إلى الإيمان باللّه ورسوله، هو دعوة إلى إيمان خالص من الريب، مبرأ من الشرك.. فليس كل من دخل فى الإيمان كان مؤمنا حقّا..
وسمّى هذا الإيمان، وهذا الجهاد، تجارة، لأن التجارة عطاء وأخذ، وأعيان تقدّم للبيع، وثمن يؤخذ فى مقابل هذه الأعيان.. والمؤمنون باللّه ورسوله، يقدمون أموالا وأنفسا، ويأخذون فى مقابل ما يقدمون ما يجزيهم اللّه سبحانه وتعالى عليه، من رضوان، وجنات لهم فيها نعيم مقيم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ.. فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (١١١ : التوبة)..
وقوله تعالى :«يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »..
هو جواب لشرط مقدّر دلّ عليه ما فى الآية السابقة من الدعوة إلى الإيمان باللّه ورسوله، والجهاد فى سبيله.. أي إن استجبتم لهذه الدعوة التي دعيتم إليها ـ أيها المؤمنون ـ يغفر اللّه لكم ذنوبكم. ويسترها عليكم، فلا ترونها بعد أن محاها اللّه، وطهّركم منها بمغفرته، ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار،


الصفحة التالية
Icon