ج ١٤، ص : ٩٣٩
هو دعوة أخرى إلى المؤمنين أن يكونوا أنصار اللّه، بأن يخلصوا وجودهم كلّه للّه.. والصورة المثلى لهذا الإيمان، هو إيمان الحواريين، الذين كانوا أول المؤمنين بالمسيح، وهم اثنا عشر حواريّا.. فقد سبقوا إلى الإيمان، واحتملوا الصدمة الأولى التي صدم بها اليهود دعوة المسيح.. ومطلوب من هؤلاء المؤمنين السابقين من أتباع محمد، أن يكونوا فى إيمانهم على هذا الإيمان، يحتملون فيه ما احتمل الحواريون من ألوان الكيد والمكر، ومن صنوف البلاء والشدة..
وأنصار اللّه، هم الذين ينصرون دين اللّه، ويبذلون أنفسهم وأموالهم فى سبيله..
وقوله تعالى :« فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ ».
. أي أنه بهؤلاء الحواريين الذين قاموا لنصر دين اللّه، وبجهادهم فى سبيله ـ قد آمنت طائفة من بنى إسرائيل، وكفرت طائفة، كما كان الحال فى مبدأ الدعوة الإسلامية، حيث آمن بإيمان الذين سبقوا إلى الإيمان، وجاهدوا فى سبيل اللّه ـ آمن بعض المشركين، وكفر بعض..
ثم كانت الخاتمة أن اندحر الذين كفروا بالمسيح، وأصبحت للمؤمنين به الغلبة عليهم، إلى يوم القيامة، كما يقول اللّه تعالى :« يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » (٥٥ : آل عمران).. وهكذا ظل اليهود الذين كفروا بالمسيح تحت يد المؤمنين منذ المسيح إلى اليوم، وإلى ما بعد اليوم.. سواء منهم المؤمنون بالمسيح الذين آمنوا به إلى ظهور النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ أو المؤمنون الذين آمنوا برسول اللّه، فهم مؤمنون كذلك بالمسيح.. وهكذا ينتصر الذين آمنوا برسول اللّه على الذين كفروا به، وتكون لهم اليد العليا عليهم أبد الدهر... إلى يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon