ج ١٤، ص : ٩٤٩
اليهود يهودا، لأنهم رجعوا إلى اللّه تائبين، بعد أن عبدوا العجل، كما جاء فى فى قوله تعالى على لسان موسى « وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ » (١٥٦ : الأعراف)..
ثم لزمهم هذا الاسم، ولعنهم اللّه وهم معروفون به..
فالخطاب فى الآية الكريمة موجّه من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى اليهود، بأمر ربه، ليقول لهم : إن صحّ ما زعمتموه، من أنكم أولياء للّه من دون الناس، وأن اللّه سبحانه وتعالى قد اختصكم بالفضل والإحسان، حتى لقد قلتم إنكم أبناء اللّه وأحباؤه ـ إن صحّ زعمكم هذا، فتمنّوا الموت واطلبوه، إن كنتم صادقين فيما تزعمون.. فإن هذا الموت سيصير بكم إلى اللّه الذي تزعمون أنكم أولياؤه وأبناؤه وأحباؤه.. والولىّ إنما يشتاق إلى لقاء وليّه، والابن إنما يسعى إلى لقاء أبيه، والحبيب إنما يشوقه لقاء من أحب.. فلم لا تتمنون الموت، ولا تطلبونه، وهو السبب الذي يصلكم اتصالا مباشرا باللّه، الذي تزعمون أنكم أولياؤه وأحباؤه من دون الناس! إن هذا ادعاء كاذب منكم، ونفاق تنافقون به أنفسكم، إذ لو كنتم مؤمنين بما تزعمون، لما فزعتم من الموت، ولما حرصتم على الحياة هذا الحرص الذي جعل منكم أجبن الناس، وأشدهم فرارا من لقاء العدو..
وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ » (٩٦ : البقرة)..
وهذا لا يكون إلا من إنسان يرى الموت نهاية لوجوده، أو يرى أن وراء الموت أهوالا تنتظره، بما قدمت يداه من آثام..


الصفحة التالية
Icon