ج ١٤، ص : ٩٥٢
وقوله تعالى :« فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ » أي بادروا وأسرعوا إلى ذكر اللّه، أي الصلاة، لأنها تذكّر باللّه، وتصل العبد بربه.. ومن ذكر اللّه فى صلاة الجمعة، « الخطبة » وما فيها من عظات تذكر باللّه.
وقوله تعالى :« وَذَرُوا الْبَيْعَ » أي اتركوا البيع، والشراء، وكلّ ما يشغلكم من عمل.. حتى تفرغوا للصلاة، جسدا، وروحا.
وقوله تعالى :« ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ » الإشارة إلى السعى للصلاة، وترك كل ما بين يدى الإنسان من عمل.. فذلك السعى خير من كلّ ما كان يحصّله الإنسان من عمله الذي بين يديه، وذلك مما لا يعلمه، ويعلم قدره إلا أهل العلم، من المؤمنين، المستيقنين من واسع الفضل، وعظيم الإحسان، عند اللّه..
قوله تعالى.
« فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ».
هو دعوة إلى العمل، وإلى السعى إليه، كما سعى المؤمنون إلى الصلاة..
فالسعى إلى العمل، أداء لحقّ النفس، وحقّ الأهل والولد، كما أن السعى إلى الصلاة أداء لحق اللّه سبحانه وتعالى، وكلا الحقّين واجب الأداء، فمن قصّر فى أحدهما، حوسب عليه حساب المقصّرين.
وفى قوله تعالى :« فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ » دعوة إلى أن يملأ المسلمون وجوه الأرض، سعيا وعملا، وأن يأخذوا بكلّ ما يمكّن لهم منها، ويقيم لهم فيها المقام الكريم، وألا يقصروا جهدهم على جانب منها،