ج ١٤، ص : ٩٧١
(٤ : الرعد).. « وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ » (٢٧، ٢٨ : فاطر) فهذا الاختلاف والتنوع بين المخلوقات، هو من دلائل قدرة اللّه، وإنه ليس لمخلوق أن يعترض على الخلق الذي أقامه اللّه سبحانه وتعالى فيه :« لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ » :(٢٣ : الأنبياء) فهذا البدء الذي بدئت به سورة « التغابن » هو إلفات للمؤمنين الذين رأوا فى صور المنافقين ما يكره وبذمّ.. إلفات لهم إلى فضل اللّه عليهم، وأنه سبحانه.. خلقهم للإيمان، وهداهم إليه، ولو شاء سبحانه لجعلهم فى هؤلاء المنافقين، وألبسهم ثوب النفاق وهم فى عالم الخلق والتكوين.
وإنه لمطلوب من المؤمنين إزاء هذا الإحسان، أن يستجيبوا لما دعاهم اللّه سبحانه وتعالى إليه، من الإنفاق مما رزقهم اللّه، بعد أن يتخففوا من سلطان الأثرة والشح الذي يمسك الأيدى عن الإنفاق، وهو الحب الشديد للمال والولد ذلك الحب الذي يلهى عن ذكر اللّه، ويشغل عن طاعته.
وإنه لمطلوب منهم كذلك أن يسبّحوا بحمد اللّه، وأن ينتظموا فى موكب الوجود كله فى هذه الصلوات الخاشعة الضارعة للّه سبحانه، وفى هذا الولاء لجلاله وعظمته.


الصفحة التالية
Icon