ج ١٥، ص : ١٠٦٢
التفسير :
قوله تعالى :« أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة كانت دعوة موجهة من اللّه سبحانه وتعالى إلى الناس جميعا، أن يأخذوا أما كنهم من الأرض، وأن يعملوا قواهم كلها فيما أودع اللّه لهم فيها من خير، ليقطفوا من ثمارها، ويأكلوا من طيباتها.. وذلك فى قوله تعالى :« هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ».
. وهذه الأرض التي مكّن اللّه سبحانه للناس من السعى فيها ـ من يمسكها أن أن تميد بهم ؟ ومن يحفظ وجودهم عليها، فلا تفتح فاها لتبتلعهم ؟ أليس ذلك من تدبير الحكيم العليم ؟ ومن رحمة الرحمن الرحيم ؟ !..
فما بال هؤلاء المشركين لا يؤمنون باللّه، وقد جاءهم رسول كريم يدعوهم إلى اللّه، ويحمل بين يديه كتابا منيرا، تنطق كل آية من آياته بمعجزة قاهرة متحدّية ؟.
أأمنوا أن يخسف اللّه بهم الأرض، فإذا هى « تمور » أي تضطرب وترتجف بما يحدثه هذا الخسف من انقلاب، تفقد به توازنها، وتلقى بهم من فوق ظهرها ؟ أأمنوا عذاب اللّه أن ينزل بهم وهم على هذه الأرض، وقد حادّوا اللّه وحاربوه.. ؟
والمور : الاضطراب الشديد، المنبعث من رجّة عظيمة، ومنه قوله تعالى :« يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً » (٩ : الطور)..