ج ١٥، ص : ١٠٩١
الضمير فى « بَلَوْناهُمْ » يعود إلى مشركى قريش، الذين تحدثت عنهم الآيات السابقة فى قوله تعالى :« فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ.. الآيات »..
والبلاء، والابتلاء : الاختبار، والامتحان.. بالخير، وبالشر.
والآية تشير ـ كما يذهب إلى ذلك أكثر المفسرين ـ إلى ما كان من ابتلاء اللّه سبحانه للمشركين من مضر، إذا أخذهم اللّه بالقحط والجدب، استجابة لدعوة الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، إذ دعا عليهم الرسول بقوله، فيما يروى عنه :« اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنين يوسف »..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ » (١٠ ـ ١٢ : الدخان).. وقد مضى تفسير هذه الآيات فى سورة الدخان..
والرأى عندنا ـ واللّه أعلم ـ أن هذا الابتلاء الذي ابتلى به المشركون، هو هذا القرآن الكريم، الذي جاءهم به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، يتلوه عليهم، ويدعوهم إلى الحياة فى ظله، والقطف من ثماره.. فهو الجنة التي تؤتى ثمارها كل حين بإذن ربها، وأنهم لو جاءوا إلى هذه الجنة بقلوب سليمة، ونفوس مطمئنة لكان لهم منها زاد عتيد لا ينفد أبدا.. أما وقد جاءوها فى تلصص ومخالسة، وفى ستار من ظلمة الليل، يريدون أن يصبح الناس فلا يرون لثمرها أثرا ـ فقد فوت اللّه سبحانه عليهم ما يريدون، وحال بينهم وبين ما يشتهون..!!
وسنعرض لوجه الشبه بين المشركين، وأصحاب الجنة، بعد أن نلتقى مع هذه الآيات التي عرضت لهذه الجنة وأصحابها..


الصفحة التالية
Icon