ج ١٥، ص : ١١٢٦
فالقارعة، والحاقة، كلمتان مترادفتان.. وقد سميت بكل منهما سورة من سور القرآن الكريم.. وبدئت سورة القارعة بلفظ « القارعة » كما بدئت سورة الحاقة بلفظ « الحاقة ».
. وكما جاء نظم الآيات الثلاث الأولى من الحاقة، جاء نظم الآيات الثلاث الأولى من القارعة.. هكذا :« الْقارِعَةُ، مَا الْقارِعَةُ ؟ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ ؟ »..
وقدكشفت سورة « الحاقة » عن وجه من وجوه هذه « الحاقة » وما بين يديها من نذر البلاء، فيما أخذ اللّه المكذبين بها، من بلاء ونكال، هو أشبه فى هوله بما يكون من أحداث الساعة، أو موقف الحساب والجزاء يوم القيامة، وذلك فيما يقول سبحانه وتعالى، عن مهلك ثمود وعاد.. يقول سبحانه :
«فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ ».
فهذا ما أخذ اللّه به المكذبين « بالقارعة » من ثمود، وعاد.
فأما ثمود، فقد أهلكهم اللّه بالطاغية، وهى الصاعقة المزلزلة العاتية، التي جاوزت كلّ حدّ معروف لها فى ظواهر الطبيعة، ولهذا سميت طاغية، ولهذا كان عقاب ثمود بها، لأنها طغت، واعتدت على صالح رسول اللّه، وعلى ناقة اللّه، كما يقول سبحانه :« كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها » (١١ ـ ١٥ الشمس) وكما يقول جل شأنه :
« وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١٧ : فصلت).
وأما عاد، فقد أهلكهم اللّه بريح صرصر عاتية..