ج ١٥، ص : ١١٣٠
والرابية، المكان العالي المرتفع عما حوله، كالربوة.
وقد ابتلع البحر فرعون ومن معه، كما ابتلعت الأرض قوم لوط، واحتوتهم ومنازلهم فى بطنها.. إنهم هووا جميعا إلى القاع.
قوله تعالى :«إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ـ » مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة، ذكرت مصارع القوم الظالمين، وقطع دابرهم جميعا، بحيث لم يترك الخراب من دار ولا ديار..
ومع هذا، فإن هؤلاء المشركين من قريش، ما زالوا أحياء، يعيشون فى الناس، لم يأخذهم اللّه سبحانه بما أخذ به الضالين من قبل.. وهؤلاء المشركون هم بقية من ذرية القوم الذين نجوا من الهلاك، وهم الذين آمنوا باللّه، من بين المكذبين والضالين.. وإنه لجدير بهؤلاء المشركين أن يأخذوا طريق النجاة من عذاب اللّه، كما أخذه آباؤهم الأولون من المؤمنين الذين نجوا من عذاب اللّه..
هذا وإذا كانت الآية تشير من قريب إلى أظهر صورة من صور النجاة للمؤمنين، وهلاك الكافرين، وهو ما كان من نوح، وقومه، وسفينته، وطوفانه.. حيث غرق الكافرون فى الطوفان، ونجا نوح ومن معه من المؤمنين بالسفينة ـ إذا كانت الآية تشير من قريب إلى هذا، فإنها تشير من بعيد إلى نجاة الذين آمنوا باللّه من كل بلاء ساقه اللّه إلى الكافرين المكذبين برسل اللّه، فى كل زمان ومكان.
وقوله تعالى :« لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ »
أي لنجعل هذه الإشارة إلى نجاتكم فى أصلاب آبائكم الأولين، الذين


الصفحة التالية
Icon