ج ١٥، ص : ١١٤٦
وفى قوله تعالى.. « وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ».
. إشارة إلى ما لرعاية المساكين والعطف عليهم من تقدير واعتبار، فى مقام الإيمان، حيث جاء ذلك بعد الإيمان باللّه، معطوفا عليه، وموازنا له.. وهذا يعنى أن من الإيمان باللّه العطف والإحسان إلى عباد اللّه، إذ كان هؤلاء المساكين هم ضيوف اللّه، فمن أكرمهم للّه، أكرمه اللّه، ومن أهانهم، وأمسك يده عنهم، أهانه اللّه، وأمسك رحمته عنه.
والحضّ على الشيء : الحثّ عليه، وإغراء الغير به..
وفى التعبير عن الدعوة إلى إطعام المسكين، بلفظ « الحضّ ».
. إشارة إلى ما فى الطبيعة الإنسانية من شحّ وبخل، وحبّ للذات.. وأن الإحسان إلى الفقراء لا يكون إلا عن مغالبة هذه الطبيعة، وحمل النفس على ما يخالف هواها..
وهذا إنما يكون عن مراودة بين الإنسان ونفسه، وحثها على البذل والسخاء.
ثم إن فى بذل الإنسان، وسخائه فى وجوه البر والمعروف، حضّا صامتا على إشاعة الإحسان بين الناس، حيث يرى فيه الناس قدوة حسنة فى هذا المقام.
قوله تعالى :« فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ ».
فهذا هو جزاء من لم يؤمن باللّه العظيم، ولم يحضّ على طعام المسكين..
إنه لا صديق له يدفع عنه هذا العذاب، لأنه لم يكن له من عباد اللّه صديق ينال من خيره وبرّه.. فإذا ضاقت به الحال فى هذا اليوم، فإنه لا يجد المعين الذي يمينه، لأنه لم يقدم لأحد عونا فى حياته الدنيا..


الصفحة التالية
Icon