ج ١٥، ص : ١١٥٢
وإذن، فلم يكذب محمد ؟ ولم يقول على اللّه ما لم يقله اللّه ؟
ألأجل نفسه يفعل هذا ؟ إنه لم يطلب أجرا، ولم ينل منكم كثيرا أو قليلا.. بل كل ما كان له منكم هو هذا الأذى المتصل، وتلك السفاهة الحمقاء.. أم لأجلكم أنتم كان هذا الافتراء ؟ ولم يعرّض نفسه لا نتقامنا، وأنتم لن تدفعوا عنه ما نأخذه به من عقاب ؟
إن الذي يغامر هذه المغامرة، إما إن تكون لحساب نفسه، ومن أجل هذا يحتمل ما يحتمل فى سبيلها.. وإما أن يكون لحساب غيره الذي يجد منه الحماية ساعة الخطر..
فإذا لم يكن هذا أو ذاك، فإنه يصبح من المحال أن تقع منه تلك المغامرة بالافتراء على اللّه، لغير سبب معقول، أو حكمة ظاهرة.
قوله تعالى :« وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ »..
هذا هو القرآن الكريم.. إنه ليس بقول شاعر، ولا بقول كاهن، ولا متقوّل من رسول اللّه على اللّه، وإنما هو تنزيل من رب العالمين.. وهو تذكرة للمتقين، يذكرهم بما فى فطرتهم السليمة، من إيمان باللّه، وتقبّل للحق والخير.. فهل بقي لكم من فطرتكم ـ أيها المشركون ـ شىء تلتقى به مع الحق، وتؤمن به ؟
قوله تعالى :« وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ».
هو تهديد لهؤلاء المشركين، الذين يكذبون بآيات اللّه، وأن اللّه سبحانه وتعالى يعلم المكذبين بهذا الحديث، والمتهمين للرسول، وإن وراء هذا العلم