ج ١٥، ص : ١٢٤٣
و« من » فى قوله تعالى :« مِنْ رَسُولٍ » للتبعيض، للإشارة إلى أنه ليس كل رسل اللّه يطلعهم اللّه على الغيب ـ وإنما يختار اللّه سبحانه من يشاء منهم، فيطلعه على ما يأذن لهم به من الغيب.. فإن الذي يوحيه اللّه سبحانه وتعالى إلى بعض رسله، هو من بعض هذا الغيب، حيث لا يعلم هذا الموحى به إلا الرسول.. كما أوحى اللّه سبحانه إلى نوح بغرق قومه، وكما أوحى إلى إبراهيم بهلاك قوم لوط. وكما أوحى إلى صالح بهلاك قومه بعد ثلاثة أيام من عقر الناقة.. فهذا من الغيب الذي أطلع اللّه سبحانه بعض رسله عليه.
والرسول ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ كان يعلم مما علّمه اللّه، كثيرا من الأحداث التي تقع على مسيرة دعوته، سواء أكان ذلك عن طريق الفهم الخاص لرسول اللّه بما ضمت عليه آيات القرآن من أسرار، أو كان هذا عن وحي خاص من اللّه سبحانه إلى النبي صلوات اللّه وسلامه عليه..
وقوله تعالى :« فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً »..
أي أن اللّه سبحانه لا يطلع على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول، فإنه يطلعه على بعض الغيب، وذلك بما يقصّ عليه من أخبار إخوانه السابقين من الرسل، وما ووجهوا به من أقوامهم من سفاهات، وضلالات، وما احتملوا فى سبيل تبليغ رسالة اللّه، من ضر وأذى.. فهذا هو الرصد الذي يسلكه اللّه من خلف الرسول، أماما يسلكه بين يديه، فهو إخباره بما سيقع له من بعض الأحداث ذات الشأن العظيم، على طريق مسيرته هو بدعوته..


الصفحة التالية
Icon