ج ١٥، ص : ١٢٥٦
قوله تعالى :« واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا »..
هو دعوة إلى الرسول الكريم أن يكون دائما مع ذكر اللّه، فى الليل أو فى النهار، مع نفسه، أو مع الناس، فلا يقطعه هذا السبح الطويل فى النهار مع الناس، عن ذكر اللّه أبدا.. إن رسالته كلها هى ذكر اللّه، والتذكير به، فهو حيث كان فى ذكر اللّه، وفى تلاوة آياته..
وفى التعبير عن ذكر اللّه بذكر اسمه تعالى، إشارة إلى أن ذكر اسم اللّه، هو الذي يذكّر باللّه، وهو الذي يستحضر به ماله سبحانه من صفات الكمال والجلال التي تشعّ من أسمائه وصفاته.. وفى هذا يقول سبحانه :« ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها » (١٨٠ : الأعراف)..
ويقول جل شأنه :« قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى » (١٤ ـ ١٥ : الأعلى)..
ويقول سبحانه :« ولذكر الله أكبر » (٤٥ : العنكبوت)..
ويقول سبحانه :« وأقم الصلاة لذكرى » (١٤ : طه)..
وقوله تعالى :« وتبتل إليه تبتيلا »..
التبتل : الانقطاع، والبتل القطع.. ومنه البتول، وهى التي انقطعت عن الدنيا وشواغلها بعبادة اللّه..
ومعنى التبتل إلى اللّه، الانقطاع إليه، وتوجيه العقل، والقلب إليه جميعا، دون التفات إلى غيره..
وهذا هو شأنه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ فكل وجوده للّه.. كلامه وخطوه، وقيامه، وقعوده، ونومه، ويقظته.