ج ١٥، ص : ١٢٧٣
متطوعا ـ من عبادات، وإخلاء نفسه من شعور الجدّ فيها، والاحتفاء بها، بوصف أنه إنما يأتى به متطوعا، وأنه لا حرج عليه فى أن يؤديه على أية صورة ـ إن هذا من شأنه أن يذهب بجلال العبادة وقد سيتها، ويجعلها أشبه باللهو واللعب.. وأنه إذا كان المؤمن شأن فى أداء فرائض اللّه، فليكن هذا شأنه فى جميع ما يتعبد للّه سبحانه وتعالى به، من فرائض وواجبات ونوافل..
فهو فى جميع أحواله، فى مقام التعبد للّه، يستوى فى هذا ما كان فرضا، أو واجبا، أو تطوعا.. فإن العبادة هى العبادة، والمعبود هو المعبود، والعابد هو العابد..
فالفرائض، والواجبات، والنوافل، كلها فى مقام التعبد للّه، على درجة واحدة، فيما ينبغى لها من جلال وتوقير، لأنها جميعها موجهة إلى اللّه سبحانه وتعالى.. واللّه سبحانه وتعالى طيّب لا يقبل إلا طيبا..
ففى قوله تعالى :« فَتابَ عَلَيْكُمْ » ـ إشارة إلى أن اللّه سبحانه وتعالى، قد أعفى المؤمنين من هذا الإلزام الذي ألزموه أنفسهم، وقد أعنتهم الوفاء به ورهقهم الاستمرار عليه.. فتاب اللّه عليهم، وأحلّهم من هذا الإلزام، وتجاوز عن تقصيرهم، توخرج بهم من الضيق إلى السعة، لطفا منه ورحمة، وإحسانا..
وقوله تعالى :« فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ».
. هو تفريع على قوله تعالى :« فَتابَ عَلَيْكُمْ ».
. أي ولأن اللّه قد تاب عليكم، فاقرءوا ما تيسر من القرآن، دون أن يكون ذلك مقيدا بقدر محدود من الليل، أو النهار، حتى تؤدوا ذلك القدر اليسير من التلاوة على الوجه الأكمل، وفى حال حضور جسدى، ونفسى وعقلى..