ج ١٥، ص : ١٢٨٥
قوله تعالى :« فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ » فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ » التفسير :
الفاء في قوله تعالى :« فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ » هى فاء الفصيح، ويراد بما بعدها الإفصاح عما تضمنه الكلام قبلها، من إشارات وتلميحات..
وهنا نجد أن قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ. وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ » ـ نجد فى هذه الآيات دعوة آمرة من اللّه سبحانه وتعالى إلى النبىّ بأن يقوم فى الناس منذرا، ولم تبين له الآيات ما ينذر به، فجاء قوله تعالى :« فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ».
. جاء مفصحا عما ينذر به، وهو يوم القيامة، وما يلقى أهل الضلال فيه من شدائد وأهوال..
وقد يسأل سائل :
أبهذا النذير يبدأ الرسول رسالته، ولا يبدؤها بالدعوة إلى الإيمان باللّه، الذي هو رأس الأمر كله، ومقطع الفصل فيما بين المؤمن والكافر ؟
والجواب على هذا ـ واللّه أعلم ـ هو ـ كما قلنا فى أكثر من موضع ـ أن الإيمان بالحياة الآخرة، وبالحساب والجزاء، هو مضلّة الكافرين جميعا، إذ يبدو لهم أن بعث الموتى من قبورهم بعد أن يصبحوا رفاتا وترابا ـ أمر لا يمكن أن يقع، ولا تستطيع عقولهم تصوّره، وأن كثيرا من مشركى العرب كانوا يؤمنون باللّه إيمانا مشوبا بالضلال، وباتخاذ معبودات يعبدونها من دون اللّه تقربا إليه بعبادتها، وأنهم كانوا ـ مع هذا ـ مستعدّين أن يقبلوا الإيمان باللّه، وعبادته وحده، ولم يكونوا مستعدين أبدا، أن يقبلوا هذا الإيمان، وفى مقرّراته البعث والحساب والجزاء..


الصفحة التالية
Icon