ج ١٥، ص : ١٢٩٨
ذكروا من قبل، والذين هم خاصّة علماء أهل الكتاب.. وكذلك المؤمنون هنا، هم الذين لم يقع الإيمان بعد موقعا متمكنا من قلوبهم.. فهؤلاء وأولئك ليس من شأنهم أن يرتابوا بعد هذا الذي جاء فى آيات اللّه من أنباء الغيب عن عدة أصحاب النار، بعد أن تطابق هذا مع ما فى التوراة..
وقوله تعالى : وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا » ـ الذين فى قلوبهم مرض هم المنحرفون من علماء أهل الكتاب، الذين غلبهم الهوى على كلمة الحق أن ينطقوا بها، والكافرون، هم المشركون الذين مازالوا على شركهم.. فهؤلاء، وهؤلاء، يتخذون من قوله تعالى :«عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ » ـ مادة للاستهزاء، والسخرية.. كأن يقولوا مثلا : ما هذه التسعة عشر ؟ ولما ذا لم تكن عشرين ؟ « ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا » وقد ردّ اللّه على تساؤلهم هذا بقوله سبحانه :
« كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ».
أي هذه الأمثال التي يضربها اللّه للناس، هى مضلة لبعض الناس، كما أنها هداية لبعضهم.. فمن نظر إليها بقلب مريض، وبصر زائغ، لم يروجه الخير والحق فيها، وارتد إلى الوراء مرتكسا فى متاهات الغواية والضلال.. ومن جاء إليها بقلب سليم، وعقل محرّر من الهوى ـ رأى الطريق القويم إلى اللّه، فسلكه، واستقام عليه.. وهذا مثل قوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا ؟ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ » (٢٦ : البقرة).


الصفحة التالية
Icon