ج ١٥، ص : ١٣٣٩
والطمع فى رضوانه، والتعلق بالرجاء فيه، فى ذلك اليوم الذي ينقطع فيه كل رجاء إلا منه جلّ وعلا.. وهذا النظر إلى رحمة اللّه، لا يختلف عن معنى الرغبة إلى اللّه، والرجوع إليه، كما يقول سبحانه :« إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ » (٣٢ : القلم) وكما يقول جل شأنه :« وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » (١٥٦ : البقرة) أما النظر فى وجه اللّه سبحانه وتعالى فى الآخرة، وأما إمكانه وكيفيته، فذلك ـ إن صحت الأخبار المروية عنه ـ مما نؤمن به غيبا، ولا نبحث عنه صورة وكيفا!! قوله تعالى :« وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ».
هو معطوف على قوله تعالى :« وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ.. » وهو عطف حال على حال، ومقام على مقام.. فهناك وجوه ناضرة إلى ربها ناظرة، تقابلها فى الجانب الآخر، وجوه باسرة، أي كالحة مغبرّة، تتوقع أن يفعل بها الفواقر، وهى الدواهي والمهلكات.. والوجوه الناضرة، الطامعة فى رحمة ربها، هى وجوه المؤمنين، والوجوه الكالحة المتوقعة الهلاك، هى وجوه المشركين، والضالين..
وقوله تعالى :«كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ. ».
هو إعراض عن حديث يوم القيامة، الذي لا يصدّق به المشركون، وعرض لهذا المشهد الذي يراه الناس بأعينهم فى الحياة الدنيا، وهو مشهد الموت، الذي ينهى حياة الإنسان من هذا العالم الدنيوي..